< Back to Index
ID: 7273e485... DATE: 2025-12-10

بث النفوذ: مناورة الصين الاستراتيجية في الأثير الأفريقي

IMPACT: عالي
#الجيوسياسة #الصين #أفريقيا #الصحافة #التضليل الإعلامي

لم يكن إطلاق "المعرض السمعي البصري الصيني-الأفريقي" في أبوجا مجرد تبادل ثقافي فحسب؛ بل كان المخطط المكشوف لمناورة جيوسياسية منسقة بدقة. فبينما تحدث السفير الصيني Yu Dunhai عن 'تعميق التفاهم المتبادل'، أصبحت التيارات الخفية لحملة استراتيجية لتشكيل الروايات وترسيخ النفوذ في أكبر دولة أفريقية من حيث السكان أمراً لا يمكن تجاهله.

لا يتعلق الأمر بالقوة الناعمة وحدها؛ بل بالبنية التحتية الصلبة والتحكم الاستراتيجي في مسارات المعلومات. فقد وضع إعلان الرئيس Xi Jinping في FOCAC لعام 2024، والذي أطلق "المبادرة الصينية-الأفريقية للإذاعة والتلفزيون والسمعي البصري"، الأساس لذلك. الهدف المعلن: المحتوى السمعي البصري كـ 'جسر حاسم للتبادل بين الشعوب'. ومع ذلك، يكشف فحص أدق أن هذا الجسر قد يكون مصمماً لحركة مرور تتدفق في اتجاه واحد بشكل أساسي، أو على الأقل تحت توجيهات محددة.

بالفعل، وجدت أكثر من 20 برنامجاً صينياً – مثل 'Welcome to Milele'، و'The Ideal City'، و'Better Life' – طريقها إلى Nigeria Television Authority (NTA) وقنوات وطنية أخرى. وبينما "يرحب" السفير Dunhai بحرارة "بالمزيد من المنتجات السمعية البصرية النيجيرية المتميزة في السوق الصينية"، فإن التأثير الفوري والملموس هو الاختراق السهل للمحتوى الصيني للبيوت النيجيرية. وتصبح "الصورة الحقيقية والأبعاد المتعددة للصين" التي يرغبون في عرضها حقيقة منسقة لملايين المشاهدين الأفارقة.

سرعان ما تحول الحديث من مجرد المحتوى إلى العصب التكنولوجي لطريق الحرير الرقمي الجديد هذا. فقد أبرز Shi Zhiyan، المدير العام لـ NRTA China، وجود 100 مليون مستخدم للإنترنت في نيجيريا، ووصفه بأنه سوق 'كبير وواعد'. وتحدث عن تعزيز مفاهيم السياسات، وتعميق الحوار، وتوسيع التعاون في 'الذكاء الاصطناعي فائق الدقة' و'تكامل الوسائط'. لا يتعلق الأمر بمجرد مشاركة الأفلام؛ بل بمشاركة الأدوات والهندسة المعمارية للبث في القرن الحادي والعشرين.

والأهم من ذلك، تضمنت ملاحظات Zhiyan تفصيلاً هادئاً ولكنه مهم: 'في إطار هذه الخطة، سنركز على مكافحة المعلومات المزيفة، وتنظيم أبحاث قصيرة المدى للدول الأفريقية، ونرحب بالجانب النيجيري للمشاركة بنشاط.' في عصر يعج بالمعلومات المضللة، فإن فرصة التأثير على تعريف وقمع 'المعلومات المزيفة' ضمن النظام البيئي الإعلامي لدولة أخرى تعد أداة استراتيجية قوية، غالباً ما تتنكر في شكل ممارسات فضلى مشتركة.

تعهد وزير الإعلام النيجيري، Mohammed Idris، عبر المدير العام لـ NTA، Salihu Dembos، بالالتزام، مشيداً بالقدرة الإذاعية المعززة والكفاءة التكنولوجية، بهدف أن تدفع 'الدبلوماسية الثقافية' 'الوحدة الوطنية والنمو والنفوذ العالمي'. المنافع المتصورة لنيجيريا — بناء القدرات، الوصول إلى التكنولوجيا المتقدمة — واضحة. ولكن بأي ثمن يأتي هذا التعاون الإعلامي العميق، خاصة عندما يكون الشريك القوي حريصاً أيضاً على تشكيل التصورات ومواجهة الروايات؟

كما لخص Charles Ebuebu من National Broadcasting Commission ببراعة، يمثل هذا المعرض 'إطاراً قوياً لمستقبل مبني على التعاون في المحتوى، ومنصات البث المشتركة، وشبكات الإرسال المتقدمة، وتبادل الكوادر الأساسية'. بالفعل، هذه هي 'الأعمدة الأساسية' ليس فقط لنظام بيئي إعلامي، بل لنظام بيئي يتدفق فيه النفوذ، بخفة ولكن باستمرار، على طول التيارات الرقمية التي تنسقها بكين. وسيكون عام 2026، الذي يصادف 'العام الصيني-الأفريقي للتبادل بين الشعوب والثقافات' والذكرى الخامسة والخمسين للعلاقات الدبلوماسية بين الصين ونيجيريا، نقطة تحول حاسمة في تقييم قصص من ستُروى حقاً، ومن سيمسك بالميكروفون في هذا البث الاستراتيجي المتطور.